لإسبستوس المعدن الصامت الذي غزا الصناعات وتحول إلى تهديد صحي عالمي
يُعد الإسبستوس، المعروف أيضًا باسم الأمينات، من المعادن الطبيعية المثيرة للجدل، إذ يتكوّن من ألياف غير عضوية غنية بأملاح السيليكا، ويتميّز بخصائص فيزيائية جعلته في الماضي محط اهتمام واسع في العديد من الصناعات. فمقاومته العالية لقوى الشد، وضعف توصيله للحرارة، إلى جانب تحمّله النسبي للمواد الكيميائية، جعلت منه خيارًا مثاليًا لاستخدامه في تصنيع أنابيب المياه والصرف الصحي وغيرها من تطبيقات البناء. وقد مثّل دخوله إلى عالم الصناعة ثورة حقيقية آنذاك، قبل أن تظهر لاحقًا أدلة علمية تؤكد خطورته الصحية البالغة، وعلى رأسها تسببه في أمراض تنفسية وسرطانية خطيرة. ورغم حظره في العديد من الدول، لا يزال وجوده قائمًا في كثير من البنى التحتية القديمة، مما يطرح تساؤلات حول كيفية التعامل مع هذا المعدن الذي يجمع بين الفائدة والموت بصمت.
أخطر من المتوقع الإسبستوس وارتباطه المباشر بأمراض قا,تل,ة
على الرغم من المزايا التقنية التي جعلت الإسبستوس شائع الاستخدام في العديد من الصناعات، إلا أن الحقيقة الصادمة تكمن في مخاطره الصحية الفادحة. فقد أثبتت الدراسات أن جميع أنواعه تُعد من المواد المسر,طنة للبشر، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إصدار تحذير عالمي صارم بمنع استعماله بأي شكل من الأشكال. وتشير التقارير الطبية إلى ارتباط مباشر بين التعرض لألياف الإسبستوس والإصابة بأمراض تنفسية مم,يتة، من أبرزها سرطان الرئة والتليف الرئوي، وهو ما يجعل التعامل مع هذه المادة محفوفًا بمخاطر لا يُستهان بها.
متى ولماذا دخلت مواسير الإسبستوس إلى المغرب؟ نظرة تاريخية على انتشارها ومبررات استخدامها
بدأ استخدام مواسير الإسبستوس في المغرب خلال النصف الأول من القرن العشرين، وتحديدًا منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، وذلك بالتزامن مع موجات التوسع العمراني التي شهدتها البلاد، وتطور مشاريع البنية التحتية، خاصة شبكات المياه والصرف الصحي. وقد حظيت هذه المواسير بانتشار واسع في تلك الفترة، نظرًا لعدة عوامل مغرية، أبرزها خفتها النسبية مقارنة بالأنابيب المعدنية، وسهولة نقلها وتركيبها في مواقع العمل، إلى جانب قدرتها على مقاومة التآكل وتحمل ظروف البيئة القاسية. إلا أن هذه المزايا، التي بدت واعدة آنذاك، كانت تخفي خلفها تهديدًا صحيًا خطيرًا لم يكن معروفًا في ذلك الوقت، حيث لم تكن الأبحاث قد كشفت بعد عن الطبيعة المسرطنة لألياف الإسبستوس وآثارها المدمرة على صحة الإنسان.
أنواع مواسير الإسبستوس واستخداماتها حسب ضغط التشغيل
تتميّز مواسير الإسبستوس بتنوعها وفقًا لسمك الجدار، حيث تنقسم إلى نوعين أساسيين: النوع الأول يُعرف بمواسير العيار الخفيف، والتي تُستخدم غالبًا في شبكات الضغط المنخفض أو في الظروف التشغيلية العادية، بينما يتمثّل النوع الثاني في مواسير العيار الثقيل، المصممة لتحمّل الضغوط العالية وظروف التشغيل القا,سية. ويُحدد اختيار النوع المناسب بناءً على متطلبات المشروع وطبيعة التربة، مما يجعل معرفة هذه الفروقات أمرًا ضروريًا لضمان كفاءة الشبكة وسلامتها على المدى الطويل.
طريقة تركيب مواسير الإسبستوس تقنية بسيطة بفعالية عالية
تُركّب مواسير الإسبستوس باستخدام وصلات مصممة خصيصًا لتتلاءم مع قياس الأنبوب بدقة، حيث تُستخدم جِلبة مصنوعة من نفس مادة الإسبستوس أو وصلة معدنية تُعرف باسم "جيبولت دكتايل". وتُعتبر هذه الطريقة من أكثر أساليب التركيب سهولة مقارنة بطرق تثبيت الأنابيب المعدنية، مما ساعد على انتشارها في مشاريع البنية التحتية سابقًا، رغم المخاطر الصحية التي كُشف عنها لاحقًا.
طرق إصلاح مواسير الإسبستوس من الحلول البسيطة إلى الاستبدال الكامل
في حال حدوث كسر صغير في مواسير الإسبستوس، يتم استخدام قفيز معدني من الستانلس أو الدكتايل لإغلاق مكان الكسر بشكل سريع وفعّال. أما إذا كان الضرر كبيرًا ويستدعي استبدال الجزء التالف، فيتم قطعه بعناية وتركيب جزء جديد من الماسورة، مع إضافة وصلة مزدوجة من الإسبستوس أو الدكتايل لضمان التوصيل المحكم والآمن.
تقنية الحفر بالدفع, كيف تعمل ولماذا تُعتبر أقل دقة من الأساليب الحديثة؟
تعد تقنية الحفر بالدفع من الأساليب التقليدية المستخدمة في حفر الأنفاق تحت الأرض، حيث يتم دفع أنبوب معدني داخل التربة باستخدام آلة خاصة، ويحتوي هذا الأنبوب على مثقاب دوار يعمل على إخراج التربة من المكان المحفور. وتعتبر هذه التقنية مثالية للاستخدام في التربة المتماسكة التي لا تحتوي على مكونات مائعة أو صخرية. إلا أن هذه الطريقة تفتقر إلى القدرة على التحكم الدقيق في مسار الحفر، مما يجعلها أقل دقة مقارنة بالأساليب الحديثة مثل الحفر الدقيق باستخدام نظام التوجيه بالليزر. ورغم بساطتها، فإن الحفر بالدفع يُستخدم بشكل رئيسي في المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لا تتطلب دقة عالية في المسار.
تقنية الحفر الدقيق (Micro Tunneling) ثورة في مشاريع البنية التحتية الدقيقة
تعد تقنية الحفر الدقيق أو ما يُعرف بـ"Micro Tunneling" واحدة من أكثر الأساليب تطورًا في مجال الحفر، حيث تتميز بقدرتها على العمل تحت ضغط دقيق باستخدام أنظمة توجيه متطورة تعتمد على الليزر. هذه التقنية قادرة على الحفر في التربة الصعبة، بما في ذلك تلك التي تقع تحت منسوب المياه الجوفية، مما يجعلها مثالية للمشاريع الكبرى التي تتطلب دقة عالية مثل خطوط الصرف الرئيسية أو الأنفاق التي تمر تحت الطرق السريعة والأنهار. بفضل هذه التقنية، أصبحت مشاريع البنية التحتية المعقدة أكثر أمانًا وفعالية، حيث توفر الوقت والتكاليف وتضمن تنفيذ الأعمال بكفاءة عالية.
رغم أن استخدام مواسير الإسبستوس قد تم تجاوزه تقنيًا بسبب خطورته الصحية، فإن استمرار استخدامها في بعض المناطق يثير تساؤلات جدية حول مدى كفاءة مراقبة البنية التحتية القديمة. هذه الظاهرة تفتح أمامنا سؤالًا مهمًا: هل نحن مستعدون فعلاً للتخلي عن هذه الموروثات الخطرة واستبدالها بأنظمة أكثر أمانًا؟ أم أننا ما زلنا نعيش في ظلها دون أن نعي المخاطر التي قد تترتب على ذلك في المستقبل؟
تعليقات
إرسال تعليق